عادات أهل تطوان عند حلول ذكرى المولد النبوي الشريف
أنس اليملاحي
إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، حدث عظيم في مدينة تطوان شأنه شأن باقي المدن المغربية، فالبعودة الى تاريخ هذه المدينة (تطوان)، فقد كانت تنطلق مظاهر الاحتفال بهذه الذكرى مع بزوغ هلال شهر ربيع الأول، فبمجرد ظهور الهلال تعلن المدافع عن ذلك بإطلاق إحدى وعشرين طلقة فرحة بحلول هذا الشهر.
تقول حسناء داود في كتابها: (تطوان، سمات وملامح من الحياة الاجتماعية)، إنه في ليلة المولد، ليلة الثاني عشر من هذا الشهر، تنار المساحد والزوايا، وتحيي هذه الليلة بالأذكار والأمداح من طرف الرجال، كما تجتمع النساء في منزل إحدى الشريفات بالمدينة، فيحيين الليلة بدورهن بين شاي مرفق بـ”القراشل”، و “البشكتو خبزة”، مع ذكر وأمداح وبخور وحضرات، ليكون مسك ختام الليلة هو “التبشير”، بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت بعض من شريفات المدينة لا يقتصرن على الاحتفال بعيد المولد فحسب، بل كن يعتنين بإحياء ليلة سابع المولد أيضا، حيث يتم دعوة النساء من معارف صاحبة الدعوة، وكذا سيدات المدينة من ذوات الوجاهة واليسر، فيحضرن إلى بيتها، ويدفعن لها بعض المبالغ المالية، مساهمة منهن في إحياء الليلة، إلا أن الحقيقة هي أنهن يسعين من وراء ذلك إمد يد العون إلى تلك الشريفة التي تستحيي أن تمد يدها .
وفيما يتعلق بيوم الذكرى نفسه، فإن من عادات أهل تطوان حسب الاستاذة حسناء داود في نفس الكتاب السابق، ان يعدوا في صباحه نوعا معينا من الطعام الذين يطلقون عليه اسم “العصيدة”، التي تهيء بطبخ السميد في الماء والسمن والملح، وبعد تقديمه في الصحن المعد له، يسقى بالسمن والعسل، ويؤكل بواسطة المعالق، وفي الغذاء يتم طبخ “التريد”، (الرغايف بالدجاج البلدي)، ليختم الغذاء بحلوة الطابع التطوانية، كما أن هناك من يجعل من هذه الذكرى، عيد “المغافرة”، أي زيارات وتبادل التهاني بيت الأهالي.
ومن أهم المظاهر المتميزة التي كانت تقام في المولد، القيام بعمليات ختان الأولاد بصفة جماعية، حيث تتم العناية فيها بأولاد الأسر المحتاجة، فتسلم لهم الهدايا والهبات.
ويشار ان المولد بتطوان، كان الناس يستغلون فيه الإكثار من جلسات السماع والمديح بين العشاءين في مختلف زوايا المدينة، كما يقوم علماء المدينة بعقد حلقات لتدريس الهمزية والبردة، وكتب السيرة ككتاب الشفا للقاضي عياض.