الصالحي يكتب:“استهداف السياسيين النزهاء.. قراءة في حالة البرلماني الطوب”

بين التبخيس والنزاهة: هل يعرف التطواني عدوه الحقيقي؟
بقلم مروان الصالحي

ظاهرة السوداوية واستهداف السياسيين النزهاء: قراءة في حالة النائب البرلماني منصف الطوب.

لا يمكن لأي تجربة ديمقراطية أن تنجح أو تحقق التنمية المنشودة، دون توفر بيئة نظيفة لاحتضان عمل سياسي جاد ومنظم. فالأحزاب السياسية، بالإضافة إلى دورها المتمثل في تأطير المواطنين وجعلهم يضطلعون بأدوارهم داخل المجتمع، تبقى الأداة الأساسية لإنتاج سياسات عمومية تلبي تطلعات المواطنين، وتساهم في تحقيق تنمية مستدامة تعود بالنفع على المجتمع ككل.وهنا نجد أن الديمقراطيات العالمية العريقة كالديمقراطية في الدول الإسكندنافية مثل السويد والنرويج استندت إلى عمل سياسي منظم قائم على الشفافية والنزاهة، ما جعلها تحقق مستويات عالية من الرفاه الاجتماعي. كذلك، التجربة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية أظهرت كيف يمكن للعمل السياسي النزيه والثقة في الفاعل السياسي، أن يعيد بناء أمة مدمرة ويضعها في مصاف القوى الاقتصادية الكبرى.

وحتى في الدول النامية، التي تعيش تجارب ديمقراطية ناشئة، لم تكن هناك أي إمكانية للنهوض دون الاعتماد على سياسيين نزهاء وأحزاب سياسية فاعلة تعمل على الترافع من أجل قضايا المجتمع. ومع ذلك، فإن هذه العملية تواجه تحديات كبيرة تتمثل في ضعف الثقة بين المواطن والسياسي واتساع الهوة بينهما، وانتشار ظاهرة السوداوية التي تعرقل كل محاولة جادة للإصلاح.

في هذا السياق، يظهر تناقض واضح بين ثقافة الدعم التي تسود في الدول الديمقراطية المتقدمة وبين ثقافة النقد الهدام التي نعيشها محلياً. ففي الغرب، نجد أن المجتمع يدعم الفاشل حتى ينجح، لأنه يؤمن بأن النجاح الجماعي لا يتحقق إلا بدفع الفرد وتشجيع إنتاجيته وتحفيزه على العمل والمثابرة. أما في مجتمعنا، فإننا نحارب الناجح حتى يفشل، ونغرق في دوامة التشكيك والتبخيس التي تثني كل من يحاول تحقيق تغيير إيجابي.

النظرة السوداوية وتأثيرها على العمل السياسي

لقد ساهمت التراكمات التاريخية والإخفاقات السابقة في زرع الشك داخل المواطن التطواني على غرار أغلب المواطنين، تجاه العمل السياسي، حتى أصبح الكثيرون ينظرون إلى السياسيين كأشخاص يسعون فقط لتحقيق مكاسب شخصية أو انتخابية. هذه النظرة السوداوية تغفل حقيقة راسخة أن هناك استثناءات، وأن بعض السياسيين يعملون بالفعل بنزاهة وتجرد من أجل خدمة مدينتهم وتحقيق التنمية المنشودة.

هذا السلوك النقدي العشوائي لا يخدم المدينة، بل يعمق فجوة الثقة بين المواطن والسياسي، ويُحبط كل محاولة لإحداث تغيير إيجابي. كما أنه يؤدي إلى إضعاف دور السياسيين النزهاء، الذين يصبحون ضحايا للتشكيك والتبخيس، حتى وإن كانت إنجازاتهم واضحة وملموسة.

منصف الطوب: نموذج للسياسي الذي نريد

من بين الأمثلة التي تعكس هذا الواقع، تبرز حالة النائب البرلماني عن إقليم تطوان، منصف الطوب، الذي يتعرض لحملات من التشكيك والهجوم، رغم ما يبذله من جهود كبيرة في قضايا حيوية تهم المدينة وساكنتها.

وهنا وجبت الإشارة إلى أن منصف الطوب ليس مجرد سياسي عادي، بل هو رجل أعمال ناجح، يدير واحدة من أكبر وكالات الأسفار في المغرب، مما يجعل وضعه المادي والاجتماعي يغنيه عن أية مكاسب مادية قد يسعى لتحقيقها من العمل السياسي. ورغم ذلك، نجد أنه يتعرض لهجوم مجاني من البعض، الذين يتجاهلون جهوده وإنجازاته الواضحة، ويروجون لاتهامات واهية بحقه.

إنجازات برلمانية ترافعية تستحق الإشادة

عمل النائب منصف الطوب على الترافع في عدة ملفات أساسية تهم مدينة تطوان، وساهم بشكل كبير في إيصال صوت المدينة إلى مراكز صنع القرار. ونجد من بين إنجازاته على سبيل المثال لا الحصر :

  • الترافع من أجل ربط تطوان بخط سكة حديدية طنجة-تطوان: هذا المشروع الاستراتيجي، الذي كان يُعتبر حلماً بعيد المنال، أصبح اليوم على طاولة المسؤولين بفضل جهود منصف الطوب المتواصلة. رغم أن البعض حاول التقليل من أهمية هذا المشروع، إلا أنه يمثل خطوة أساسية في تعزيز البنية التحتية للمدينة، وتهيئة الظروف لتنمية مستدامة وإقلاع اقتصادي حقيقي.
  • قضية التشغيل: منذ انتخابه، لم يتوقف الطوب عن الترافع لصالح الشباب التطواني، الذي يعاني من قلة فرص الشغل وتزايد معدلات البطالة،فقد ساهم بشكل مباشر في جلب استثمارات عديدة للمدينة، وترافع بشكل مستمر عن تخصيص رؤية شاملة ومندمجة لتحسين الوضع الاقتصادي، خصوصاً في المناطق الحدودية، كحل جذري ومستدام لمعضلة البطالة.
  • تحسين العرض الصحي في تطوان: من خلال موقعه البرلماني، عمل منصف الطوب على تحسين الوضع الصحي بالمدينة، خاصة في المستشفى الإقليمي، حيث طالب مرارا بتوفير الموارد البشرية والمادية اللازمة لتجويد العرض الصحي، وضمان خدمات صحية تليق بمواطني المدينة.
  • قضايا أخرى رياضية وتعليمية وثقافية: لم تقتصر جهوده على الملفات الحيوية فقط، بل شملت أيضاً الترافع من أجل تطوير البنية التحتية الرياضية، وتعزيز العرض التعليمي وتوفير المنح الجامعية وتوسيع قدرة الإيواء المخصص للطلبة بالأحياء الجامعية،وغيرها من القضايا والواجهات والملفات التي فتحها الرجل في إطار رؤية متكاملة للإسهام في تنمية مدينته.

    كل ما ذكرته من مجهود وعمل، يباشره منصف الطوب دونما ذرة تمنن ولا استعلاء،بل إيمانا منه بصلب التعاقد الذي يجمعه بالناخبين وبعموم التطوانيين،وأن هذا العمل يندرج فعلا ضمن اختصاصاته،الاختصاصات التي يتجاوزها غير ما مرة في مد يد العون لعموم الساكنة بشكل إنياني قبل كل شيئ،حيث يضع نفسه رهن إشارة كل المواطنين من خلال التفاعل مع مشاكلهم الآنية لدى المؤسسات المعنية،ويتفاعل بإيجاب مع كل من يطرق بابه،وهذا بشهادة العدو قبل الصديق،هو ليس رشا للورد على وجه الرجل، لكن فعلا شهادة حق أتحمل وزرها إلى يوم يبعثون،نابعة من معرفة وطيدة فرضها واقع الممارسة المشتركة من داخل المدرسة الحزبية التي تجمعنا،ناهيك عن سمعة طيبة راكمها الرجل حتى قبل ولوج عوالم السياسة.

سياسي بنفس إنساني دائم

وإلى جانب نشاطه البرلماني، فإن منصف الطوب لم يتخل يوماً عن عمله الإنساني والاجتماعي الذي عُرف به حتى قبل أن يدخل غمار السياسة. فهو من أولئك القلائل الذين لم تغيرهم المناصب ولا فتنة الأضواء، بل ظل قريباً من الناس، سندا لكل من طرق بابه في قضايا اجتماعية ملحة أو حالات إنسانية تستدعي تدخلاً مستعجلاً أو ترافعا لدى مؤسسة من المؤسسات المعنية.
هاتف الرجل يكاد لا يصمت، وذلك ليس فقط لأغراض رسمية أو اتصالات سياسية، بل لأنه خصص نفسه ليكون جسراً بين المواطنين وهمومهم، وبين المؤسسات وصناع القرار. ويمكن الجزم، دون مجازفة، أنه لم يعرف عنه يوما أنه أغلق بابه أو هاتفه في وجه من قصده، كما يفعل البعض ممن لا يظهرون إلا عند موسم الحصاد الانتخابي.

فهم دور البرلماني بين الواقع والشعبوية:

من الضروري التذكير بأن دور النائب البرلماني، وفق ما ينص عليه القانون، يتمثل أساساً في الترافع التشريعي والرقابي. البرلماني ليس جهة تنفيذية، وليس من صلاحياته إنجاز المشاريع بشكل مباشر، بل يقتصر دوره على الدفاع عن القضايا الكبرى، وتمثيل سكان الإقليم في البرلمان، والترافع أمام الجهات التنفيذية لتحسين أوضاعهم.

للأسف، هناك خلط كبير لدى المواطن التطواني بين أدوار المؤسسات المختلفة، حيث يتم تحميل النواب البرلمانيين مسؤوليات ليست من اختصاصهم، مثل تنفيذ مشاريع محلية(كتعبيد الطرق والأرصفة…) أو إصلاح خدمات بعينها (كالإنارة العمومية)،ويزجون بكل من مارس السياسة في سلة التقصير، وهي مسؤوليات تقع على عاتق الجماعات الترابية والجهات التنفيذية الأخرى.

نحو ثقافة نقد بناء:

إن مواجهة ظاهرة السوداوية والهجوم المجاني على السياسيين النزهاء تتطلب تغييراً جذريا في العقليات، فالمواطن التطواني مطالب اليوم بتبني ثقافة نقد بناء، تقوم على المعطيات الملموسة والموضوعية، بدلاً من الانسياق وراء الشعبوية أو إطلاق أحكام القيمة وخلط الحابل بالنابل،فالصالح بين،والطالح بين والراكبون على أمواج الانتخابات لتحقيق مآربهم الشخصية على حساب مصالح المواطن التطواني هم من يجب أن يقف لهم اليوم رغم كثرتهم،أما الملتصقون بهموم الساكنة الغيورين على مدينتهم فوجب الالتفاف حولهم ودعمهم رغم قلتهم.

كما أن السياسيين اليوم مطالبون بتعزيز تواصلهم مع المواطنين، من خلال توضيح مبادراتهم وإنجازاتهم، وشرح الأدوار التي تقع ضمن اختصاصهم، لتجنب سوء الفهم أو التبخيس ولخلق فضاء شفاف من أجل إشراك المواطن والاستماع المستمر لما يخالج طموحه.

وأخيرا،مدينة تطوان، تحتاج إلى جهود حقيقية للنهوض بأوضاعها،ولن يتأتى ذلك إلا بوجود سياسيين نزهاء يضعون مصلحة المدينة فوق كل اعتبار، لكنها في المقابل تحتاج أيضاً إلى مواطنين واعين يدعمون العمل الجاد، ويقدرون المجهودات المبذولة،واستشعار أي بادرة تصب في مصلحته والالتفاف حولها ودعمها.
أما منصف الطوب،ولحدود اليوم فعمله وأخلاقه وتضحياته يضعونه في خانة نموذج السياسي الذي يعمل بإخلاص لصالح مدينته، ولذلك يستحق الدعم والتقدير، بدلاً من الهجوم المجاني والتبخيس،والانسياق وراء الحملات المفتعلة التي لا تخدم إلا مصالح سياسوية ضيقة لجهات توارثت المدينة، وألفت الركود، حتى دخلت ضمن دائرة الراحة التي جعلتها تهاب أي تغيير كيف ما كان.

فلن تنهض تطوان إلا إذا قررنا جميعاً تغيير نظرتنا إلى العمل السياسي، ودعم الناجحين بدلاً من محاربتهم،ومحاسبة من يستحق ذلك،عبر الآليات المتاحة، لأن النجاح الجماعي يبدأ بدعم الفرد الناجح، لا إحباطه.

الكرة اليوم في ملعب المواطن التطواني، فهل نختار دعم الكفاءات والعمل الجاد، أم نستمر في دوامة السوداوية المطلقة ومنطق التعميم القاتل والشعبوية الجوفاء؟

التعليقات مغلقة.