عبد الخالق بنعبود يكتب: “عبد الإله ابن كيران… حين يتحول الجدل إلى وسيلة لحجز الواجهة”

يبدو أن عبد الإله بن كيران، كما عوّدنا، يعرف جيداً من أين تُؤكل الكتف في السياسة والإعلام. فبعد خفوت اسمه نسبياً في الآونة الأخيرة( قبل انعقاد المؤتمر التاسع )، عاد بقوة إلى واجهة النقاش العمومي، ليس من بوابة البرامج أو السياسات، بل من خلال عبارات مثيرة وصادمة: “الميكروبات” و”الحمير”، وهي أوصاف وجّهها في سياق ردّه على شعار “تازة قبل غزة” و” كلنا اسرائليون “.

ما يؤكد أن بن كيران كان يخطط للانتشار هو افتتاحه كلمته في فاتح ماي بملاحظة أن الحضور قليل، وكأن الأمر أزعجه أو أثار انتباهه، فقرر تعويض هذا الضعف الجماهيري بإطلاق عبارات مدوية تضمن له تواجداً رمزياً أكبر مما تتيحه ساحة الخطابة الواقعية.

قد نتفق أو نختلف مع مواقفه، لكن لا يمكن إنكار أنه حقق هدفه الأساسي: العودة إلى دائرة الضوء، بأقل التكاليف الممكنة. في زمن أصبحت فيه الإثارة لغة رائجة، يبدو أن بن كيران فهم جيداً أن “الصدمة” هي الطريق المختصر نحو الانتشار، فتصريحه وجد طريقه سريعاً إلى وسائل الإعلام ومنصات التواصل، ليتحوّل إلى موضوع الساعة.

ولأنه يدرك طبيعة المشهد، فهو يعلم أن هذه العبارات لن تمر مرور الكرام، بل ستخلق موجة من الانقسام: بين من يدافعون عن شعار “تازة قبل غزة” ومن يعتبرونه تعبيراً عن أولويات وطنية مشروعة، وبين من يرون في ردة فعله تجاوزاً مرفوضاً للأدبيات السياسية. وفي الحالتين، هو المستفيد الأكبر.

ما يجب أن نفهمه كمستهلكين للمحتوى، هو أن تداولنا للخطاب دون وعي، يساعد أحياناً في تكريس حضوره وتمكينه من التأثير. فبن كيران لا يحتاج اليوم إلى برنامج انتخابي أو حزب قوي، بل فقط إلى ميكروفون وعبارة مدروسة لتعيده إلى الصدارة.

السؤال الذي يجب أن يُطرح: هل نحن أمام زعامة تُبنى على الجدل، أم أمام أزمة في المشهد السياسي تدفعنا للاهتمام بمن يُتقن فن الصدمة أكثر من فن الإقناع؟

التعليقات مغلقة.