شكل موضوع “العاملات في المنازل بين النص القانوني والهشاشة الاجتماعية” محور ندوة نظمتها جمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص وجمعية نعمة للتنمية، مساء السبت بتطوان، بحضور مسؤولين وأكاديميين وخبراء وفاعلين جمعويين.
ويندرج تنظيم الندوة ضمن مشروع حماية حقوق العاملات المنزليات في محاربة تشغيل الطفلات وتزويج القاصرات، بهدف فتح نقاش عمومي مع مختلف المتدخلين المؤسساتيين، والأكاديميين وفعاليات المجتمع المدني في مختلف جهات المملكة لتسليط الضوء على القانون 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، الصادر سنة 2016، والمجهودات المبذولة للتحسيس والتوعية.
وقارب المتدخلون الموضوع، من خلال تحليل الإشكاليات المتعلقة بتطبيق القانون، من الزاوية القانونية، ومجال الحماية الاجتماعية، عبر تشخيص للواقع الاجتماعي لهذه الفئة من منطلق التجربة الميدانية، مؤكدين أهمية طرحه للنقاش العمومي، ومعالجة ما يعتريه من نقائص.
وفي هذا السياق، أبرزت حفيظة بن صالح، رئيسة جمعية نعمة للتنمية، أن اللقاء يندرج ضمن مواصلة النقاش حول حقوق العاملات المنزليات على ضوء القانون 19.12 والقوانين الأخرى ذات الصلة، في ما يتعلق بعقود الشغل والتصريح بالعاملات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وغيرها.
وقالت بن صالح، في مداخلة لها، إنه “عند صدور هذا القانون المتعلق بالعمال والعاملات المنزليين اعتبرناه محطة مهمة في النهوض بحقوق هذه الفئة التي لطالما عاشت التهميش والإقصاء والتمييز”.
وسجلت بن صالح في المقابل، أن القانون “تعتريه مجموعة من النقائص والعيوب، فهو لم يتضمن سوى الحد الأدنى من الحماية لهذه الفئة مقارنة مع باقي الأجراء المستفيدين من الحماية المقررة في مدونة الشغل”.
من جهته، أكد ياسر الشريف الطريبق، ممثل المديرية الإقليمية للإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات بتطوان، أن القانون “جاء لحماية النساء العاملات في البيوت من التعرض للتمييز والعنف والتحرش، خاصة وأن هذا القطاع يعتبر نسويا بامتياز، لاسيما ما يتعلق بالاهتمام بشؤون البيت والأطفال، بما يتطلبه ذلك من مراقبة وضبط وحماية، لاسيما وأن هذه الفئة يكون إلمامها القانوني محدودا”.
وأبرز أن “القانون 19.12 كان له أثر إيجابي، ولو نسبيا، في إعادة الاعتبار للعاملات في البيوت وصون كرامتهن، رغم صعوبة ضبط العلاقة الشغلية، في ظل الحماية التي يوفرها تنصيص القانون على ضرورة إبرام العقود بين المشغل والعاملات، بما يحمله ذلك في طياته من التزامات واضحة وهو ما من شأنه المساهمة في تحقيق الأهداف المتوخاة من هذا القانون”.
وبعد أن توقف الطريبق عند مساهمة القانون في الحد من تشغيل الفتيات القاصرات والوساطة من خلال تشديد العقوبات، استعرض المكتسبات التي جاء بها القانون، وما يوفره من حماية اجتماعية من قبيل التنصيص على إلزامية التصريح بالعمال والعاملات المنزليين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، للاستفادة من خدماته من قبيل التعويضات العائلية والعلاج والتقاعد وغيرها.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “هناك فئة عريضة لم تدرج ضمن هذا القانون، بسبب عدم الالتزام بشرط إبرام عقد الشغل بين المشغلين والعاملين، في ظل محدودية العقود المبرمة”، مذكرا بأنه خلال الثلاث سنوات الأخيرة وإلى حدود بداية نونبر الجاري، تمت المصادقة على 54 عقد شغل، على مستوى إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق و229 عقد على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، و 6 آلاف و121 عقدا على المستوى الوطني.
بدورها، تطرقت أمينة المحمودي، المنسقة العامة لجمعية السيدة الحرة إلى الإكراهات والصعوبات التي تواجه ضمان تمتع النساء العاملات في البيوت بحقوقهن، داعية إلى فتح النقاش حول أوضاع العاملات في المنازل بعد خمس سنوات تقريبا من تطبيق القانون، لتوحيد الرؤى، وتبادل وجهات النظر مع مختلف المتدخلين.
وشددت على ضرورة القيام بقراءة نقدية للقانون والتجربة الميدانية للمجتمع المدني في ما يرتبط بالعاملات في البيوت، من أجل حماية هذه الفئة لتحقيق العيش الكريم لها، في ظل ما يكتسيه الموضوع من حساسية لارتباطه بالأسرة باعتبارها الطرف المشغل، ومكان الشغل الذي هو البيت لما له من حرمة وخصوصية.
التعليقات مغلقة.