الاتحادي السوعلي يكتب عن “أحداث الفنيدق”

الأحداث التي شهدتها مدينة الفنيدق تمثل انعكاسًا لأزمة اجتماعية وسياسية عميقة يعاني منها الشباب المغربي، الذين يعيشون حالة من الإحباط نتيجة السياسات الحكومية الفاشلة. في ظل قلة الفرص وانعدام التكوين المؤهل للدخول إلى سوق العمل، يصبح تفعيل دور الشباب ضرورة قصوى. هؤلاء الشباب يمثلون القوة الحيوية التي يمكن أن تسهم في إحداث التغيير إذا تم تعبئتهم وتحفيزهم على المشاركة السياسية، بما يتجاوز التصويت في الانتخابات ليشمل الانخراط في النقاشات العامة والترشح لمناصب قيادية. يجب أن تكون هذه المشاركة مصحوبة بتأطير سياسي عبر برامج تكوينية تساهم في رفع مستوى الوعي السياسي لديهم.


في المقابل، أظهرت السلطات العمومية تعاملًا بحزم واحترافية مع الأحداث الأخيرة، حيث تمكنت من تنظيم محكم واحتواء الوضع دون خسائر بشرية أو مادية، مما أظهر قدرتها على كسر مرامي الخصوم الذين حاولوا استغلال الوضع لخلق الفوضى وتشويه صورة البلاد، خصوصًا بعد المكاسب الدبلوماسية الهامة التي حققها المغرب. ومع ذلك، يظل أصل المشكلة سياسيًا واجتماعيًا، إذ يعاني الشباب من تهميش في ظل سوق عمل ضعيف وغياب التأطير الشبابي من الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.


على الساحة السياسية، نرى تناقضات صارخة بين فئات الشباب. من جهة، شبيبة حزب في الاغلبية الحكومية منشغلة بالاستعراضات الإعلامية التي تعكس انفصالها عن واقع الشباب المغربي ومعاناتهم اليومية. وفي الوقت نفسه، هناك فئات أخرى من الشباب، كالذين توجهوا إلى مدينة الفنيدق في محاولة للهجرة إلى سبتة، والذين يعكسون الوجه الحقيقي للأزمة الاقتصادية والاجتماعية. بينما نجد فاعلين آخرين، مثل الشبيبة الاتحادية، يسعون لتعزيز التعاون الدولي والحوار الديمقراطي، مؤكدين أن الحلول الحقيقية للأزمة تكمن في الالتزام بالقيم الديمقراطية والعمل الجماعي.


كل هذه التناقضات ترسل رسالة واضحة للحكومة: عليها أن تستيقظ من سباتها وتبتعد عن التبجح بالمنجزات الشكلية والبهرجة السياسية كما حدث في أكادير. المطلوب الآن هو التركيز على إصلاحات جذرية تعالج الفوارق المجالية وتعيد الثقة للشباب، وإلا فإن البلد يتجه نحو مستقبل مجهول مليء بالتحديات.

محمد السوعلي، قيادي اتحادي

التعليقات مغلقة.