باحث هولندي يفكك ذاكرة الأندلسيين المنسيين في شفشاون

الشمال24 من شفشاون
في مداخلة ألقاها خلال ندوة علمية حول” التاريخ والثقافة الأندلسية بشمال المغرب”، التي نظّمتها جماعة شفشاون، الجمعة، بشراكة مع عمالة الإقليم، سلط الباحث الهولندي والمنتج المسلم طارق لويستاين، المتخصص مجال دراسة تاريخ الأندلس وتأثيراته على منطقة شمال المغرب ومؤسس مشروع “أبناء الأندلس”، الضوء على محاولته تفكيك ذاكرة الأندلسيين المنسيين في شفشاون.

فكرة “أبناء الأندلس”
وقال طارق لويستاين مؤلف كتاب “أبناء الأندلس” إن مشروعه لم يأتِ بشكل عشوائي، بل كان اختيارًا واعيًا نابعًا من إيمان عميق بضرورة الحفاظ على الذاكرة الجماعية لهؤلاء المنسيين، موضحًا أن الشرارة الأولى انطلقت من سؤال بسيط لكنه جوهري: “فين هم وشنو لهم؟”، في إشارة إلى أحفاد الأندلسيين الذين طُردوا من الأندلس في القرن السابع عشر، وتفرقوا بين المغرب، الجزائر، تونس، وليبيا.

وأشار إلى أنه بدأ المشروع بالتواصل مع هؤلاء الأشخاص عبر الإنترنت والهاتف، بهدف إعادة رسم خريطة الذاكرة المفقودة، ومحاولة فهم مصيرهم وهويتهم بعد قرون من الشتات، مؤكدا أن الحاجة إلى هذا العمل باتت مُلحّة، قائلاً: “كان خاصني ندير هذا المشروع دابا، لأنه ما بقى بزاف ديال الوقت”، لافتًا إلى أن من تبقى من الجيل الذي عاش هذه الذاكرة وُلد بين أربعينيات وستينيات القرن الماضي.

شجرات نسب تعود إلى 1610
وكشف لويستاين، خلال عرضه، عن عثوره على عائلات أندلسية لا تزال تحافظ على نقاء سلالتها من خلال الزواج الداخلي، بل ويحتفظ بعضها بشجرات نسب تعود إلى سنة 1610، مضيفا أن هذه العائلات غالبًا ما تعيش في قرى صغيرة ومعزولة، وتجد نفسها ممزقة بين الحنين إلى الماضي والواقع الاجتماعي المعاصر.

شفشاون.. غرناطة الصغيرة
واعتبر الباحث الهولندي أن مدينة شفشاون، التي وصفها بـ”غرناطة الصغيرة”، لا تزال تحتفظ بجذوة الهوية الأندلسية، حتى وإن كان كثيرون من سكانها يجهلون التفاصيل الدقيقة لتاريخ أجدادهم.

وقال في هذا السياق في كلمته التي اختار أن يقدمها أمام الحاضرين باللغة الإنجليزية الممزوجة أحيانا بالدارجة المغربية: “كاينين ناس كتقولك راه هاد الشي ما بقى عندو حتى قيمة، ولكن فاش كتفتح النقاش معاهوم كيبداو يحكيو على هاد الذاكرة”، مشددًا على أن هذا التراث لا يزال حيًّا في تفاصيل الحياة اليومية.

مفارقة الجنسية الإسبانية
وتوقف لويستاين عند المفارقة التي خلفها قرار الحكومة الإسبانية سنة 2015، القاضي بمنح الجنسية لأحفاد السفارديم” اليهود الذين طُردوا من إسبانيا، في حين لم تُطرح أي مبادرات مماثلة لأحفاد المسلمين الأندلسيين، الذين شُرِّدوا وصودرت ممتلكاتهم وهويتهم دون تعويض أو اعتراف، لهذا كان لابد من تأسيس مشروع “أبناء الأندلس” لإعادة الاعتبار لهذا التراث المنسي.

دعوة لإحياء الذاكرة الجماعية
وأكد لويستاين أن مشروع “أبناء الأندلس” لا يقتصر على الجانب الأكاديمي أو التوثيقي، بل هو أيضًا دعوة صادقة لإحياء ذاكرة جماعية مهددة بالنسيان، من خلال إعادة بناء الجسور بين الماضي والحاضر، وبين ضفتي المتوسط، وبين الشعوب، معربا عن استعداده الكامل مع مختلف المتدخلين المهتمين بالثقافة الأندلسية والمؤسسات الرسمية بالمملكة المغربية من أجل العمل سويا لتنفيذ هذا المشروع الهام.

التعليقات مغلقة.