آيت أحمد: كوفيد19 يرتب الأولويات المغيبة لبناء مغرب الغد

كل البيوت، الشوارع، الوقائع، والأشياء من حولنا، تنذر بنهاية تاريخ، وبداية آخر.

لنتأمل مستوى علاقاتنا في البيت، علاقاتنا داخل المجمتع، تغيرت كل دلالاتها الرمزية، وغيرت معها أنماط التفكير المادي، لتبنى قيم جديدة، وفق أنماط مخيال مختلف.

في البيت تحولت العلاقات الأسرية من فردانية، الى جمعية، وتغيرت رؤيتنا للأشياء التي كنا نحسبها ضرورية، (مقاهي، محلات تسوق..)، وتغيرت علاقتنا بأحلام السفر، واختصار الزمان لبلوغ حلم الهجرة إلى أمكنة ما وراء الحدود! تغيرت رؤيتنا بعد أسبوعين من هوس التبضع، وتخزين السلع، إلى سؤال مابعد التخزين، فها قد وفرنا أكل سنة بالبيت، ثم ماذا بعد؟ شبح الموت قد يلاحق مخازن مدخراتنا!

أسئلة كثيرة، ستغير رؤيتا لأنفسنا، وللآخر، وللطعام ةللدواء، وللمرض.. ستغير قيمة الزمان، والأكثر قيمة الارتباط بالوطن الذي أعاد لنا قيم اعتبار هويتنا الوطنيةفي تقييم علاقات القرب والبعد به.

لنتأمل كيف تحول مفهوم ودلالة الدرس الوطني الذي لم نتعلمه جيدا في المدارس، والمحافل والمنتديات، إلى مدرسة ملاحم وطنية يومية.

إن عالم ما بعد كورونا، ومن دون شك، سيعيد بناءنا من جديد، وسيصحح مفاهيمنا المغلوطة عن أنفسنا، عن روابط علاقاتنا بأسرتنا، بمجتمعنا، وبالطبيعة باحترام إنسانية الانسان حولنا، لنتحرر من أوهام الأنا الاحتكارية للأرزاق، وللمناصب، ونعيد الاعتبار إلى أدوار الجماعة البيئية الصلبةالتي قد تُمحى أمام الأزمات إذا فرطنا في الحفاظ على سلامتها الأمنية والتعلمية والصحية، بعيدا عن لغة المحسوبية التفوقية المدمرة لأسس البناء الوطني.

أزمة هدنة التخفي الجمعي من التنين الصيني، ستولد لدينا بيئات فاعلة، وقادرة على مواجهة عقلية التفقير والتجهيل والتسطيح، لتستثمر في العقول الذكية، وتؤهلها معرفيا، فمواجهة جرثومة التنين البيولوجي المبيد للبشرية، لايمكن أن تنفذ إلا بأسلحة مقاولات الأفكار ومشاريع صناعة الذكاء المعرفي.

اذاً هو وعي مغاير يتشكل اليوم في صمت، ويعيد تشكيل المخيال وترتيب الأولويات المغيبة داخل أنساق الضروريات البناءة لمغرب الغد.

 

د. مريم آيت أحمد؛ رئيسة مركز جسور المستقبل.

التعليقات مغلقة.