دفاع قوي للاتحادي السوعلي عن إقليم تطوان باعتباره أحد مفاتيح نجاح المغرب في استضافة كأس العالم 2030
بقلم الدكتور محمد السوعلي
تمتلك جهة طنجة تطوان الحسيمة موقعًا استراتيجيًا مميزًا بفضل قربها من أوروبا، مما يوفر لها فرصة كبيرة للاستفادة من تدفق الجماهير الأوروبية والسياح خلال بطولة كأس العالم 2030. لتحقيق النجاح في هذه المنطقة، يجب التركيز على مجموعة من المحاور الأساسية.
أولًا، تعزيز البنية التحتية يمثل أولوية قصوى. يتعين تحسين شبكة الطرق التي تربط تطوان بطنجة وبقية المدن الكبرى، بالإضافة إلى تطوير المرافق الرياضية والفنادق لاستيعاب الجماهير وضمان تقديم تجربة مريحة لهم.
ثانيًا، الترويج الثقافي والسياحي سيكون عاملًا هامًا لجذب المزيد من الزوار. يمكن استغلال الفعاليات الثقافية والسياحية المصاحبة للبطولة لإبراز التراث المحلي وجذب السياح من خلال تنظيم فعاليات موازية تهدف إلى التعريف بالثقافة المحلية وإبراز غنى التراث في المنطقة.
ثالثًا، التعاون الإقليمي بين مدن الشمال سيكون حاسمًا لضمان توزيع متوازن للجماهير والخدمات اللوجستية. طنجة يمكن أن تكون مركزًا رئيسيًا لاستضافة المباريات، في حين يمكن أن تكون تطوان مركزًا لاستقبال الجماهير والسياح وتقديم الخدمات الفندقية والسياحية، بالإضافة إلى كونها موقعًا مثاليًا لإقامة وتدريب الفرق المشاركة.
بشكل عام، يمثل تنظيم كأس العالم 2030 فرصة كبيرة للمغرب لتحقيق تقدم ملموس في العديد من القطاعات، بدءًا من تحسين البنية التحتية وصولًا إلى تعزيز مكانته على الساحة الدولية. من خلال التخطيط الاستراتيجي واستثمار الموارد بشكل مستدام، يمكن للمغرب أن يترك إرثًا رياضيًا واقتصاديًا طويل الأمد. المدن الشمالية مثل تطوان، الحسيمة، الشاون، والعرائش ستلعب دورًا حاسمًا في هذا النجاح، بشرط الاستثمار في بنيتها التحتية وتطوير خدماتها السياحية، وربطها بطرق سريعة تلبي التوقعات الدولية لضمان تدفق سلس للمشجعين إلى البلاد.
تطوان: تحديات التنمية في أفق تنظيم كاس العالم 2030
تواجه منطقة تطوان تحديات اقتصادية كبيرة تتطلب تدخلات استراتيجية لتعزيز تنميتها المستدامة. فعلى الرغم من امتلاك المدينة لتراث ثقافي غني وموقع جغرافي متميز، إلا أنها غالبًا ما تُهمل مقارنة بمدينة طنجة، خاصة في ما يتعلق بتوزيع المشاريع التنموية والاستثمارات.
من أبرز العقبات التي تعترض تطوان هشاشة الاقتصاد الحدودي، ضعف البنية التحتية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مع اعتمادها المفرط على القطاعات التقليدية مثل التجارة والصناعة التي تعود إلى حقبة الحماية. ورغم هذه التحديات، تمتلك تطوان إمكانيات كبيرة في مجالات مثل السياحة، أنشطة اقتصادية خضراء، والخدمات، والتي يمكن أن تسهم بشكل كبير في إحياء اقتصاد المنطقة.
إن استضافة الفرق الرياضية الدولية في إطار التحضير لبطولات مثل كأس العالم 2030 يمكن أن تكون دافعًا مهمًا للتنمية. فبناء مجمع رياضي وملعب كرة قدم قد يُحوِّل المدينة إلى مركز للسياحة الرياضية، ما يؤدي إلى خلق فرص عمل، تعزيز التجارة المحلية، وجذب الاستثمارات في البنية التحتية.
من هنا، تحتاج تطوان إلى رؤية استراتيجية شاملة تركز على مشاريع هيكلية مثل مواصلة تهيئة ضفاف واد مرتيل، تحديث وسائل النقل، وتعزيز السياحة المستدامة. هذه المشاريع ستساعد في تحويل المدينة إلى نموذج للتنمية المتكاملة والمستدامة، وتعزز مكانتها كوجهة سياحية واقتصادية مهمة في المغرب.
لكن ينبغي ألا تقتصر هذه الإصلاحات على التحضير لهذا الحدث الرياضي الكبير، بل يجب أن تشكل جزءا من مخطط يهدف إلى ترك أثرطويل الأمد على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة تطوان. فمع الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز السياحة المستدامة، ستصبح تطوان نموذجًا للتنمية المتكاملة، مما يساهم في تحسين مستوى معيشة السكان، خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز مكانتها على الخريطة الاقتصادية الوطنية والدولية.
وفقًا لتقرير أعدته الوكالة الجهوية لإعداد المشاريع بجهة طنجة تطوان الحسيمة لعام 2021، والممتد حتى عام 2045، تم تقديم مجموعة من المشاريع التنموية المقترحة التي تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتشغيلية. يوفر التقرير بنكًا شاملاً للمعلومات حول هذه المشاريع المبرمجة، بما في ذلك طرق تمويلها والغلاف المالي المخصص لكل مشروع ويمكن من هذا المنطلق الاستئناس به للشروع في إنجاز مشاريع تسعى لتأهيل مناطق الجهة لاستضافة جزء من منافسات كأس العالم.
الرياضة والسياحة الرياضية:
إن إنشاء مركب رياضي وملعب كرة قدم بمواصفات دولية وقاعات مغطاة في تطوان يتطلب جهودًا متكاملة لضمان نجاحه وتحقيق الأهداف المرجوة في تعزيز الرياضة والتنمية المجتمعية. ينبغي أن يركز المشروع على الجودة والاستدامة، من خلال استخدام تقنيات بناء صديقة للبيئة وضمان استمرارية تشغيل المرافق الرياضية بطريقة تحافظ على الموارد. كما يجب أن يُدمج المركب في النسيج المجتمعي ليصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة السكان اليومية، مما يعزز من استخدامه الدائم.
إلى جانب ذلك، يجب تنظيم فعاليات رياضية متنوعة تشمل دوريات محلية في كرة القدم، بطولات لألعاب القوى، ومسابقات رياضية تستهدف كافة الفئات العمرية، بهدف تعزيز المشاركة المجتمعية والروح الرياضية في المنطقة. ولضمان الترويج الفعّال للمركب، من الضروري تطوير استراتيجية تسويقية قوية تركز على إنشاء علامة تجارية تبرز المرافق الحديثة وتعزز الولوجية. كما ينبغي الترويج للمركب كوجهة رئيسية للفعاليات الرياضية الوطنية والدولية.
لضمان الاستخدام الدائم للمركب، من المهم بناء شراكات مع الأندية الرياضية المحلية، المدارس، الجامعات، ومنظمات المجتمع المدني، بحيث تُشجع الفئات الشبابية على الاستفادة القصوى من البنية التحتية المتطورة. كما يتطلب المشروع التعاون مع الهيئات الرياضية الوطنية والدولية لتنظيم بطولات وفعاليات رياضية، تسهم في رفع مستوى الرياضة بالإقليم، مما يعزز من مكانة تطوان كوجهة رياضية متميزة.
الجدير بالذكر أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد أعطى سابقًا انطلاقة مشروع مركب رياضي كبير بمنطقة الملالين، إلا أن المشروع لم يرَ النور حتى الآن. هذا التأخير يثير العديد من التساؤلات، خاصة وأن فريق المغرب أتلتيك تطوان، بجهوده المتواصلة، حقق لقبين في البطولة الاحترافية، مما يجعل الإسراع في إنجاز هذا المركب الرياضي ضرورة ملحة لدعم النادي وتعزيز التنمية الرياضية في الإقليم.
شبكة النقل والطرق بإقليم تطوان
إقليم تطوان، بفضل بنيته التحتية المتطورة للنقل، يتمتع بموقع استراتيجي يجعله محورًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. تشمل هذه البنية شبكة واسعة من الطرق التي تربط تطوان بمدن رئيسية مثل طنجة والفنيدق والميناء المتوسطي، مما يعزز الحركة التجارية والسياحية في المنطقة. ومع ذلك، فإن التوسع في البنية التحتية للنقل يظل ضرورة لتحقيق المزيد من النمو.
تتضمن خطط التطوير المستقبلية تحسين الربط بين تطوان والطريق السيار الممتد بين القصر الصغير والفنيدق، مما سيساهم في تسهيل التنقل وزيادة تدفق السلع والأشخاص عبر هذا المحور الحيوي. إضافة إلى ذلك، يشمل الربط بالطريق السيار بين طنجة وتطوان تعزيز الاتصال بين المدينتين الكبيرتين، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والنمو الاقتصادي.
من بين المشاريع المهمة أيضًا، إنشاء طريق سريع يربط تطوان بالحسيمة عبر واد لاو والجبهة، وهو ما سيتيح تعزيز الروابط بين الشمال الشرقي والشمال الغربي للمملكة. كما سيسهم الربط بين تطوان وفاس عبر طريق سيار يمر من وزان في تعزيز الاتصالات بين شمال المغرب ووسطه، مما يدعم الحركة الاقتصادية والسياحية بين هذه المدن.
تعتبر كذلك تثنية الطرق الجهوية من بين الأولويات، حيث يشمل ذلك تثنية الطريق الرابطة بين تطوان والعرائش، وتثنية الطريق بين تطوان والولي الصالح مولاي عبدالسلام ببني عروس، ما سيعزز السلامة الطرقية ويسهل الوصول إلى المناطق الريفية والحضرية على حد سواء.
هذه المشاريع الطموحة تعزز دور تطوان كمركز استراتيجي، وتدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة، من خلال تحسين الاتصال بين المدن وتطوير حركة المرور، مما يخلق فرصًا جديدة للاستثمار والتنمية في كافة المجالات.
توسيع وتحديث شبكة النقل الحضري: استراتيجيات للتكامل بين الأحياء الحضرية والقروية بإقليم تطوان
خدمات النقل الحضري تعد عاملًا حيويًا في تطوير المدن وتحسين جودة حياة السكان، وبالتالي تأهيلها لاستقبال جزء من منافسات كأس العالم، أو الاستعدادات والأنشطة المرتبطة بها. في مدينة تطوان مثلا، يحتاج النقل الحضري إلى تحسينات كبيرة من حيث التغطية وجودة الأسطول. حاليًا، يعاني أسطول الحافلات من نقص في وسائل الراحة مثل التكييف ومعايير السلامة، كما أن شبكة النقل لا تغطي معظم أحياء المدينة، خاصة تلك التي تعرف تطورًا عمرانيًا حديثًا، مما يؤثر على سهولة الوصول إلى الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم.
تعاني البنية التحتية في المدينة العتيقة من تدهور الطرق وضيق الشوارع، مما يعوق تدفق الحركة المرورية ويزيد من الضغط على وسائل النقل المتاحة. لتحسين الوضع، من الضروري توسيع بعض الطرق أو إعادة تصميمها، وإنشاء مواقف سيارات متعددة الطوابق في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. كما يمكن تحسين حركة المرور باستخدام وسائل نقل مناسبة مثل الحافلات الصغيرة أو الكهربائية التي تتلاءم مع طبيعة الطرق الضيقة.
أحد الحلول الرئيسية هو توسيع شبكة النقل لتغطية جميع الأحياء، بما في ذلك الجماعات المحيطة. يتطلب ذلك إحداث خطوط نقل جديدة، وتحديث الأسطول الحالي بحافلات مريحة وصديقة للبيئة، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء. كما يتوجب تهيئة محطات وقوف حديثة لضمان سهولة الوصول والاستخدام.
في هذا السياق، من الضروري التعاقد مع شركات متخصصة في النقل الحضري قادرة على توفير حافلات تتماشى مع المعايير البيئية والتقنية الحديثة. يتعين على هذه الشركات تقديم خدمات عالية الجودة تركز على وسائل النقل الكهربائية لتقليل البصمة الكربونية، مع استخدام التكنولوجيا لتحسين إدارة حركة المرور وتقديم معلومات دقيقة للمسافرين في الوقت الفعلي.
أخيرًا، تطوير خطوط حافلات على الطريق الساحلية مع محطات توقف في التجمعات السكنية والشواطئ سيساهم في تعزيز التنمية السياحية ويوفر وسيلة نقل موثوقة للسكان المحليين.
النقل الجوي:
من جانبه، يعد التوفر على شبكة للنقل الجوي متطورة مع ما تستلزمه من بنيات تحتية مناسبة عاملا أساسيا لنجاح تظاهرة عالمية من مستوى احتضان جزء من مباريات كأس العالم، علاوة على كونه يمثل ركيزة أساسية لتعزيز التنمية الاقتصادية والسياحية. مواصلة تطوير هذا القطاع في شمال المغرب سيساهم لا محالة في جذب السياح الدوليين عبر توفير رحلات جوية مباشرة، مما يجعل المنطقة وجهة سياحية مغرية. كما يدعم النقل الجوي التجارة الدولية بتسريع عمليات الاستيراد والتصدير، ما يعزز كفاءة العمليات التجارية ويساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي تطوير البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة.
على الرغم من عدم امتلاك تطوان لمطار دولي كبير، إلا أنها تستفيد من قربها من مطار طنجة ابن بطوطة الذي يقدم خدمات رحلات داخلية ودولية متنوعة. إلى جانب ذلك، يستفيد الإقليم من ميناء طنجة المتوسط، أحد أهم الموانئ في البحر الأبيض المتوسط، مما يعزز فرص النقل البحري والتجارة.
إدراكًا لأهمية المطارات في تعزيز تنافسية المدينة والإقليم، يتم العمل حاليًا على توسيع مطار سانية الرمل في تطوان، بما في ذلك بناء محطة جوية جديدة استعدادًا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030. هذا التوسع يهدف إلى تعزيز الاتصالات الدولية، وزيادة سعة المطار لتلبية الزيادة المتوقعة في عدد الوافدين من أوروبا، وخاصة من دول مثل إسبانيا، البرتغال، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، سويسرا، بلجيكا، وهولندا. إضافة إلى ذلك، يُعد ربط المطار بمزيد من الوجهات الدولية خطوة هامة في دعم السياحة والتجارة، خاصة مع تزايد الطلب المتوقع خلال فعاليات رياضية كبرى مثل كأس أمم إفريقيا وكأس العالم.
توسيع مطار سانية الرمل سيعزز الحركة السياحية والتجارية مع الاتحاد الأوروبي، ويشكل دفعة قوية للاقتصاد المحلي. كما أن الرفع من عدد الرحلات الداخلية باتجاه مطار سانية الرمل سيساهم في تحسين التنقل داخل المملكة، ويزيد من فرص التنمية الشاملة في المنطقة. تعزيز الربط الجوي مع المطارات الأوروبية الكبرى سيمكن من تحويل تطوان إلى نقطة جذب رئيسية، مما يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في الإقليم.
النقل السككي:
صحيح أن مدينة تطوان لا تمتلك حالياً خطوط سكك حديدية مباشرة، إلا أن الإقليم يستفيد من قربه من الشبكة الوطنية للقطارات في المغرب، مما يتيح تواصلاً فعالاً مع المدن الكبرى مثل طنجة والفنيدق. يمكن للسكان والزوار الوصول إلى تطوان عبر هذه المحطات القريبة، مما يوفر وسيلة نقل سريعة وفعالة، خصوصاً في أوقات الذروة أو خلال الفعاليات الكبرى. يُعد القطار وسيلة نقل صديقة للبيئة وبديلة اقتصادية مقارنة بالسفر بالسيارات أو الحافلات، مما يجعله خياراً مستداماً للتنقل.
تشمل الخطط الاستراتيجية المستقبلية لتطوير إقليم تطوان، كما هو موضح في التصميم الجهوي لإعداد التراب، مشاريع طموحة لربط المدينة بشبكة السكك الحديدية الوطنية. هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية للإقليم وضمان تكامله مع باقي المناطق على الصعيد الوطني. تحسين البنية التحتية للنقل العام، بما في ذلك إدماج السكك الحديدية، سيسهم في تسهيل التنقل والتجارة، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار والسياحة. هذه المشاريع تمثل خطوات هامة لتعزيز مكانة تطوان الاقتصادية وتحضيرها لمواجهة التحديات التنموية المستقبلية.
النقل البحري:
على الرغم من أن مدينة تطوان لا تمتلك ميناء دوليًا بالمواصفات العالمية، فإن الإقليم يستفيد بشكل كبير من ميناء طنجة المتوسط القريب، الواقع في مدينة طنجة. يُعد هذا الميناء واحدًا من أكبر الموانئ في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، ويعمل كمحور رئيسي للتجارة الدولية، مما يعزز من قدرة الإقليم على الاندماج في سلاسل الإمداد العالمية ويمنح دفعة قوية للاقتصاد المحلي.
في إطار تعزيز البنية التحتية للنقل في الإقليم، يتم العمل على مشروع طموح لإنشاء ميناء تجاري في واد لاو. يهدف هذا المشروع إلى تنويع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والتجارية في المنطقة، ويمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز القدرات التجارية وفتح آفاق جديدة للنمو والتنمية. من المتوقع أن يسهم المشروع في رفع مستوى الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة للسكان.
إضافة إلى ذلك، يمكن التفكير في إنشاء ميناء بمدينة مرتيل، التي كانت لها في الماضي منشآت مينائية مهمة ساهمت في الإقلاع الاقتصادي للمنطقة. إحياء هذه المنشآت قد يعزز من القدرة التنافسية للإقليم ويوفر منصة جديدة لدعم التجارة والسياحة، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويجعل إقليم تطوان مركزًا حيويًا للأنشطة الاقتصادية في شمال المغرب.
قطاع السياحة والصناعة التقليدية
إقليم تطوان يُعد وجهة سياحية مميزة في شمال المغرب بفضل تراثه الثقافي والتاريخي الغني، حيث تضم المدينة العتيقة المصنفة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، إلى جانب شواطئه الخلابة مثل مرتيل، المضيق، الفنيدق، واد لاو. بالإضافة إلى ذلك، يشتهر الإقليم بتنظيم العديد من المهرجانات الثقافية والفنية التي تعكس تنوعه الثقافي والفني.
ومع ذلك، فإن الإقليم يواجه تحديات كبيرة، خصوصاً مع تزايد الإقبال السياحي، مما يؤدي إلى اختناق مروري وازدحام خلال الفترات الذروة، وهو ما يمكن أن يتضاعف خلال فعاليات كبرى مثل كأس العالم لكرة القدم، مما يشكل تحديًا حقيقيًا للمنطقة. لتجنب ذلك، يجب تطوير البنية التحتية وتحسين القدرة الاستيعابية للمدينة والمناطق الساحلية.
التحديات الأخرى تشمل ضرورة تطوير البنية التحتية السياحية وتحسين مناخ الأعمال، بالإضافة إلى حل مشاكل الاستثمار، العقار، والتمويل. هناك حاجة أيضًا إلى تحفيزات ضريبية وتوفير يد عاملة مؤهلة لتحسين جودة الخدمات السياحية. تحسين الطاقة الاستيعابية للفنادق وتعزيز التسويق والترويج للمنتوج السياحي المحلي يمثلان جزءًا من الحلول المطلوبة.
أخيرًا، تطوير شبكات وكالات الأسفار ومنظمي الرحلات سيساعد في تحويل السياحة من نشاط موسمي إلى صناعة مستدامة على مدار العام، مما يعزز جاذبية الإقليم ويضمن نموًا اقتصاديًا واجتماعيًا طويل الأمد.
قطاع الصناعة والأنشطة الاقتصادية:
رغم موقعه الجغرافي الاستراتيجي على الساحل المتوسطي وقربه من مدينة طنجة ودولة إسبانيا، يواجه إقليم تطوان تحديات كبيرة تعرقل تطوير بنيته التحتية وتحد من قدرته على جذب الاستثمار، خصوصًا في القطاع الصناعي. من أبرز هذه التحديات ضعف البنية التحتية، حيث تفتقر المنطقة إلى طرق ومرافق لوجستية قادرة على دعم نمو صناعي واسع النطاق. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الإقليم من نقص في الكفاءات الفنية المتخصصة، مما يحد من قدرة الشركات على التوسع والابتكار في مختلف المجالات الصناعية.
كما يواجه المقاولون والشركات الناشئة صعوبات كبيرة في الوصول إلى التمويل اللازم لتأسيس أو توسيع أعمالهم، نتيجة القيود البنكية ونقص البرامج الداعمة، مما يعرقل تطور النسيج الصناعي في المنطقة. وتجد الصناعات المحلية نفسها في مواجهة منافسة شرسة من الأسواق الدولية التي تتمتع بتكاليف إنتاج منخفضة، مما يجعل التحدي أكبر للبقاء والمنافسة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية والطاقة تحديات كبيرة تتعلق بالاستدامة البيئية، وهو ما يتطلب تطبيق سياسات صارمة لحماية البيئة والموارد الطبيعية.
تعاني المناطق الصناعية الحالية من ضعف في الهيكلة حيث أنها في أغلبها عبارة عن مستودعات للشركات مع بعض الاستثناءات، مما يبرز الحاجة الماسة إلى إحداث منطقة صناعية جديدة بمواصفات عالمية قادرة على خلق أكبر عدد ممكن من مناصب الشغل وتعزيز القدرات التنافسية للإقليم.
لمواجهة هذه التحديات، يتطلب تعزيز النسيج الصناعي في إقليم تطوان تعاونًا وثيقًا بين الجهات الحكومية، القطاع الخاص، وجمعيات المنعشين الصناعيين، من أجل خلق بيئة مواتية تعزز النمو والابتكار الصناعي. ينبغي على الخطط المستقبلية التركيز على تشجيع الاستثمار في الصناعات النظيفة والتقنيات المستدامة من خلال تطوير التشريعات والقوانين الملائمة، بالإضافة إلى توفير حوافز ضريبية ومالية للشركات العاملة في المناطق الصناعية والحرة. كما يتعين تطوير البنية التحتية بشكل كبير لخفض تكاليف الإنتاج وتحسين التنافسية.
تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة، ودعم البحث والتطوير في مجالات الاستدامة، وإقامة شراكات مع المستثمرين الدوليين والشركات العالمية لتطوير المناطق الصناعية الصديقة للبيئة، يعد جزءًا أساسيًا من الحل. علاوة على ذلك، فإن دعم الشراكة بين القطاع الخاص، الحكومة، والمؤسسات الأكاديمية لتعزيز البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا البيئية والاستدامة سيكون له دور محوري في تحقيق التنمية الصناعية المستدامة وتعزيز القدرة التنافسية لإقليم تطوان على المستوى الوطني والدولي.
من هذا المنطلق، يمكن اعتبار احتضان جهة الشمال لبعض مباريات كأس العالم فرصة لمواجهة التحديات التي تحول دون إقلاع نموي حقيقي لإقليم تطوان.
المشروع المندمج للإقلاع الاقتصادي والاجتماعي لإقليم تطوان: تهيئة ضفاف واد مرتيل
في نفس الإطار، يمكن اعتبار تنظيم فعاليات كأس العالم لكرة القدم فرصة لمواصلة إنجاز مجموعة من المشاريع المهيكلة التي من شأنها أن تعزز القدرة التنافسية لمجالاتنا الترابية. ويعد مشروع تهيئة ضفاف واد مرتيلأحد المشاريع التي يمكن أن تعزز حيوية لإقليم تطوان والمنطقة المحيطة لإظهار الريادة في مجال التنمية البيئية والمستدامة، على غرار مشروع ضفاف وادي أبي رقراق في الرباط وسلا، خصوصا وأنهذا المشروع إلى تقليل التلوث، تحسين جودة المياه، تطوير السياحة، وخلق فرص عمل، مع التركيز على الحفاظ على التنوع البيولوجي وإدارة الموارد المائية بشكل مستدام.
يشمل المشروع عدة جوانب هامة مثل تطوير البنية التحتية للنقل، وتعزيز قطاعات السياحة والثقافة والتجارة. كما يتضمن تحديث الخدمات الحضرية من خلال تحسين النقل الحضري، تهيئة الأحياء وربطها بشبكة طرق تراعي معايير السلامة، مما يسهل التنقل ويعزز جودة الحياة في المدينة.
جانب آخر من المشروع يركز على دعم التعليم والبحث العلمي، استكمال مكونات الجامعة، وتحسين الرعاية الصحية. ومن خلال تطهير وتنظيف الوادي من النفايات والملوثات، سيتم تأهيل ضفافه وإنجاز مشاريع حضرية متكاملة تعزز من جمال المدينة واستدامتها البيئية.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء مسارات مخصصة للمشي وركوب الدراجات على طول الوادي، مما يسهم في تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة ويخفف من الازدحام. كما يتضمن المشروع بناء جسور للمشاة، وتوفير مرافق عامة مثل المقاعد والإضاءة ونقاط الجذب السياحي، مما يضيف قيمة جمالية وترويجية للمكان.
بالتعاون بين مختلف الأطراف المعنية، سيصبح هذا المشروع مثالًا يُحتذى به في التنمية المستدامة، حيث يجمع بين تحسين البيئة، تطوير البنية التحتية، وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال تنمية السياحة وخلق فرص عمل جديدة.
نقلا عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
التعليقات مغلقة.