الغازي يكتب: فاز اليمين وفاز الشباب في جهة مدريد
د. أيمن الغازي، فاعل سياسي وباحث في الشأن الإسباني
في حدث تاريخي، استطاع الحزب الشعبي في مدريد بقيادة إزابيل أيوسو Isabel Ayuso، ذات ال 42 ربيعا من الفوز بالإنتخابات الجهوية ب 65 مقعد من اصل 136.
ويمكن اعتبار ان الفوز جاء بسبب التصعيد الذي مارسته أيوسو ضد رئيس الحكومة الإسباني پيدرو سانشيز Pedro Sánchez عندما رفضت تنزيل كل تلك القرارات الإحترازية فيما يخص الوقاية من كورونا، الأمر الذي استحسنه الكثير من رجال الأعمال، واصحاب المطاعم والفنادق، واعطى لإقتصاد مدريد انتعاشا غير موجود في مدن اخرى بإسبانيا.
فيما إحتل الحزب الاشتراكي بمدريد بقيادة أنخيل گابيلوندو Ángel Gabilondo الوزير السابق والقيادي التاريخي ذو ال 72 سنة، المقعد الثالث ب 24 مقعدا وهي أسوء نتيجة يمنى بها الاشتراكيون في العاصمة، ولعل هذه النتيجة هي نهاية هرم من اهرامات الإشتراكية في اسبانيا.
من مخلفات نتائج هذه الإنتخابات الجهوية كذلك، عدم حصول حزب “مواطنون Ciudadanos “ بقيادة المحامي إيدموندو بال Edmundo Bal ذو ال 53 سنة، ونائب رئيسة الحزب وطنيا، على أي مقعد في البرلمان الجهوي بعدما كان حزبه هو القوة الثالثة في انتخابات 2019 ب 26 مقعد.
وتبقى المفاجئة التي احدثت رجة اعلامية كبيرة، بالإضافة الى النتائج المبهرة لأيوسو Ayuso ، هي الظاهرة “پابلو إگليسياس Pablo Iglesias ” ذو 42 سنة المنسق العام لحزب پوديموس Podemos؛ فمن جهة بدأ سلسلة مفاجئاته بإستقالة من الحكومة الوطنية وترك الحزب الإشتراكي في موقف لا يحسد عليه. وجاءت هذه الاستقالة في محاولة منه لانقاذ حزبه في إنتخابات مدريد؛ بعدما كانت الكثير من إستطلاعات الرأي تشير إلى أن پوديموس لن يستطيع الوصول حتى إلى عتبة 3%. (للإشارة پوديموس حصل على 7 مقاعد اي 5% في انتخابات 2019).
وليتابع پابلو مسلسل المفاجئات بحصول حزبه على 10 مقاعد، بعد حملة انتخابية متميزة جدا لم ينتقد فيها احزاب اليسار الأخرى، وإستطاع بذلك انقاذ حزبه ومكنه من الوصول ل 7,2% من الأصوات.
وبعد الإعلان عن هذه النتائج، سيواصل إگليسياس مفاجئاته بإعلان انتهائه من العمل السياسي نهائيا، بسبب خسارة اليساريين لهذه الإنتخابات حسب ما صرح به.
أما فيما يخص حزب زائد مدريد Más Madrid؛ المفاجئة الأخرى، فقد استطاع أن يحصل على المرتبة الثانية، ب 24 مقعدا، تحت قيادة مونيكا گارسيا Munica García صاحبة ال 46 سنة، واستطاع بذلك ازاحة الحزب الاشتراكي من قيادة اليسار في مدريد.
من جهة اخرى، وفيما يخص اليمين المتطرف وممثلهم حزب ڤوكس Vox، فقد تراجع كثيرا في هذه الانتخابات، وهو ما يؤشر على بداية نهاية خطابهم العنصري والشعبوي، فيما يقول المتتبعون بأن الكثير من اصواتهم قد ذهبوا للحزب الشعبي.
نتائج هذه الإنتخابات في جهة مدريد، أظهرت مجموعة من الخلاصات:
١. الإسبان يثقون في الشباب بصفة عامة بغض النظر عن كونهم من اليمين او من اليسار.
بدليل أن أكثر الخاسرين هما المرشحان الأكبر سنا في هذه الانتخابات: الإشتراكي گابيلوندو (72 سنة) والذي حصل حزبه على اسوء نتيجة في التاريخ ولم يعد هو زعيم اليسار في العاصمة، و إيدموندو بال (54 سنة) وكيل لائحة “مواطنون” والذي لم يستطع ان يدخل اصلا للبرلمان الجهوي (حصل على اقل من العتبة)، بعدما كان ممثلا ب 26 مقعد في سنة 2019.
فيما استطاع الثلاث وكلاء الأقل سنا من زيادة عدد مقاعد
أحزابهم وهم “أيوسو (42 سنة) عن الحزب الشعبي” “مونيكا غارسيا (46 سنة) عن حزب زائد مدريد، وپابلو إگليسياس (42 سنة)
٢. ثلاث احزاب ارتفعت تمثيلهم: الحزب الشعبي انتقل من 30 الى 65، پوديموس انتقل من 7 الى 10، و زائد مدريد انتقل من 20 الى 24.
فيما انخفضت تمثيليات ثلاث احزاب وهي: الحزب الاشتراكي في مدريد الذي انتقل من 37 الى 24 و ڤوكس الذي انتقل من 20 الى 13 وحزب مواطنون Ciudadanos الذي انتقل من 26 الى 0.
٣. رجعت مدريد بعد هذه الانتخابات الى “قطب يميني” يتشكل من الحزب الشعبي وحزب ڤوكس اليميني المتطرف، لأن نتائج “مواطنون Ciudadanos” وعدم استطاعتها التمثيلية في البرلمان الجهوي، يعد حسب الكثير من المتتبعين هو نهاية حزب يمثل الوسط في اسبانيا.
٤. ستكون مدريد جهة نسوية بإمتياز، رئيس الجهة أيوسو عن الحزب الشعبي ورئيسة المعارضة مونيكا غارسيا عن زائد مدريد.
٥. على الحزب الاشتراكي اعادة النظر من جديد في تشكيلته بمدريد وكذا على الصعيد الوطني وفي اختياراته المستقبلية فيما يخص مرشحيه.