ثلاثة أشهر بدون شبكات اجتماعية!

0

ضياء الحق الفلوس

مقاطعة الشبكات الاجتماعية بالنسبة لي هو أمر شبه مستحيل حاليا لعدة أسباب، ربما يصير الأمر ممكنا عما قريب، ما قصدته بالصوم عن الشبكات الاجتماعية ثلاثة أشهر هو صوم عن تطبيقاتها على المحمول، قد يبدو الأمر متناقضا ودون معنى فاستعمال الشبكات الاجتماعية من خلال التطبيقات أو عبر الحاسوب هو نفس الشيء، لكن الأمر بعيد عن ذلك.

بداية غريبة

دخلت عالم الشبكات الاجتماعية سنة 2008، ومن باب غريب جدا، فقد أعجبت بلعبة بسيطة كان يلعبها زميلي وبعد أن تكرر طلبي عدة مرات، أخبرني أنني أستطيع أن ألعبها دون الحاجة لتثبيتها أو أي شيء، فكل ما كنت أحتاجه هو حساب على موقع اسمه فيسبوك، وبالفعل سجلت في الموقع ولم أهتم به كثيرا لأيام فكل ما كان يهمني هو أن أستمتع باللعبة، بعد مدة اكتشفت ألعابا أخرى من نفس الشركة، مع فارق بسيط أن بعض هاته الألعاب كانت تعطيك مقارنة بين الأرقام التي تحرزها وبين أرقام كل اللاعبين في العالم وفي بلدك وحتى بين أصدقائك، هناك فقط بدأت أكتشف الجانب الحقيقي للفايسبوك، وقوته في الربط بين الأشخاص، وكانت صراحة فرصة طيبة للإلتقاء بأصدقائي الذين درست معهم في طفولتي وفي الأقسام التحضيرية خاصة أن معظمهم بقي في الخارج بعد أن أكمل دراسته، ولم أكتف بذلك بل شجعت كل معارفي وأفراد عائلتي على الدخول للفيسبوك.

مع محدودية استعمال الهواتف الذكية بأوطاننا آنذاك، كان استعمال الفيسبوك محصورا على أجهزة الحواسيب، لذلك إدمان الشبكات الاجتماعية لم يكن بهاته الحدة نظرا لصعوبة الولوج إليها.

اليوم ومع انخفاض أسعار الهواتف الذكية بشكل كبير، وتغير في ثقافة الاستهلاك، حيث أصبح اقتناء هاتف بمئتي دولار يعتبر من الزهد، ومع توفر خدمة الأنترنت على الجوال للجميع وثمن أرخص بكثير من السابق، تغير كل شيء في حياتنا، فصار معظم الناس يغمض عينه ليلا على الشاشة الصغيرة التي يفتح علينا عينه في الصباح، وحلت حركة السحب من أجل التحديث محل الضحكات والقهقهات في لقاءات الأصدقاء وأفراد العائلة، بل وحتى خلال متابعة مباريات كرة القدم سواء في الملاعب أو أمام شاشات التلفاز حيث يستمتع المتفرج بالتحليلات المباشرة والشماتة في مشجعي فرق الخصم على الشبكات الإجتماعية، في خضم كل هذا المد الرقمي بدأت تظهر حركات غير منظمة تدعو لمقاطعة كل ما هو رقمي أو على الأقل التقليل من استخدامه، وتقنينه.

لا ننكر أن تطور الهواتف الذكية وتطبيقاتها سهل الحياة علينا بشكل كبير، شخصيا أنا مدين لتطبيقات الخرائط، وتطبيقات حجز سيارات الأجرة والسكن، وكذلك تطبيقات الدردرشة الفورية خاصة عندما أكون في سفر خارج البلد، كما أن هذا التطور خلق فرص كثيرة للأعمال وتيسير الحياة والتواصل السريع، لكن كما يقال كل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فالتكنولوجيا الحديثة كما قال أحد الساخرين : تقرب البعيد وتفرق القريب.

حمية رقمية

شخصيا لست ضد استخدام الشبكات الاجتماعية والهواتف الذكية، فهي أصبحت أمرا واقعا والاستغناء عنها طلية ضرب من الجنون نظرا للفوائد الكثيرة التي تجلبها، كل ما أنادي به هو الاعتدال والتقنين.، لذلك اتبعت حمية معتدلة نجحت معي بشكل كبير خلال الأشهر الثلاث الماضية :

1- لا اشعارات

أول شيء قمت به هو تعطيل الاشعارات من هاتفي، هاته النصيحة كنت أعمل بها لاإراديا بين الفينة والأخرى لكنني التزمت بها بشكل صارم بعد أن قرأت عنها في كتاب أسبوع 4 ساعات، الذي ينصح بها بشكل متطرف جدا، حيث أنه ينصح بتعطيلها حتى مع الرسائل القصيرة والبريد الإلكتروني، تعطيل الإشعارات أعطى أثرا طيبا في البداية فكل إشعار تتوصل به يفقدك التركيز عما تقوم به لدقائق في أحسن الحالات، البعض يزعم أن كثرة الإشعارات تفقد معناها لكن مجرد أن تقع عينك عليها وأنت غير واع فإنك لا إراديا سوف تفتحها مما سوف يضيع عليك على الأقل بضع دقائق في أحسن الأحوال قبل أن تفطن وتقرر هل تقرر الاستغراق في التطبيق أو العودة لمهامك.

2- تقنين وقت الاستخدام

عملية أخرى مهمة وهي تفادي استخدام تطبيقات الشبكات الاجتماعية خلال بعض الأوقات المهمة، كأوقات العمل، وأوقات الأكل، وأوقات الجلوس مع العائلة، مع هاته التقنينات تبقى بعض الأوقات الميتة هي المتاحة تقريبا : أوقات الإنتظار، أوقات الراحة بين المهام في العمل، عندما ينام الأطفال… مع التأكيد على عدم استخدام الشبكات الإجتماعية والأجهزة الإلكترونية بصفة عامة قبيل النوم ومباشرة بعد الإستيقاظ.

3- تقنين مدة الاستخدام

حسب بعض الدراسات، يمضي المرء في المتوسط أربع ساعات أمام شاشة التلفون فقط منها 3 ساعات أو أكثر مع تطبيقات الشبكات الاجتماعية، مؤخرا أصبحت مجموعة من التطبيقات تساعد المستخدم على مراقبة استخدامه للتطبيقات وكذلك على تحديد عدد مرات الإستخدام وعدد الدقائق المسموح بها يوميا أو اسبوعيا، بمجرد بداية استخدامي لهاته التطبيقات انخفض معدل استخدامي للهاتف الذكي بالنصف أو أكثر -ما عدا بعض الأيام التي أكون مطالبا تغطية بعض الأحداث على الشبكات الاجتماعية- أو عندما أكون مسافرا خارج الوطن.

4- إزالة التطبيقات

هاته العملية وإن بدت عبيطة إلا أنها مهمة جدا، فتجربة المستخدم على التطبيقات أحسن بكثير منها على المتصفح، هاته السلاسة في الاستخدام تساهم في قضاء وقت أطول على الشبكات الاجتماعية، فالمرونة التي تمنحها التطبيقات لمصمميها تجعل من الصعب مقاومة استخدامها لمدة طويلة، كما أن محدودية استخدام المواقع على المتصفح بالجوال تجعلك تخرج بسرعة منها بمجرد أن تأخذ حاجتك منها.

5- هاتف قديم

ربما من الأسباب الرئيسية التي ساعدتني في التخلص من إدمان استخدام الشبكات الاجتماعية لمدة طويلة هو استخدامي لهاتف قديم نسبيا -صناعة 2014- رغم أنه كان من الفئة الرائدة قديما إلا أن محدودية سرعة أدائه لا تساعد على تبذير الكثير من الوقت عليه.

استثناءات

قما قلت في المقدمة حاليا لا أستطيع الاستغناء تماما عن الشبكات الاجتماعية فلن أنسى أبدا دورها الإيجابي في نشر المعلومات، خاصة وأنني أنشط في تظاهرات من أجل الشباب والطلبة، كما أنني أحتاجها أيضا في إطار عملي، لذلك أضطر بين الفينة والأخرى إلى إعادة تثبيت هاته التطبيقات، لكن بمجرد انتهائي من مهمة التواصل لا أتردد للحظة في حذفها من الهاتف، والإكتفاء بالإطلاع على حسابي من حاسوبي الشخصي فقط لدقائق متواصلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.