التفكير الجاد في الاستثمار العلمي وبراءات الاختراع خيار مستقبل اقتصادي ناجح

0

د. مريم آيت أحمد / رئيسة مركز إنماء للدراسات المستقبلية

مفتاح تقدّم الأمم والشعوب الاستثمار في رأس المال البشري الذي يعد من أفضل أنواع رأس المال قيمة، لأنه استثمار وطني رأس ماله الاستثمار في الإنسان، وتنمية الموارد البشرية التى تحوّل الثروات من مجرد كميات نوعية ومواد خام، إلى طاقات إبداعية وتقنية ذات إسهامات فاعلة متنوّعة فى تحقيق التقدم المنشود. اليوم أصبحت ثروات الأمم لا تقاس اليوم بما لديها من مصانع وأراض زراعية، حيث انتقلت المجتمعات من العصر الصناعي إلى عصر المعرفة ،فأصبحت تحتسب بما لديها من ملكية فكرية واختراعات وابتكارات واستثمار في طاقات مجال البحث العلمي. المجتمعات التي خططت لتنمية بلدانها وضعت ضمن اولوياتها الاهتمام في الاستثمارالاقتصادي المعرفي. كمورد اقتصادي لا ينضب واستطاعت بالفعل أن تنجح هذا الاستثمار بشراكة حكومية، وتحويل نسبة ضرائب على شركات خاصة إلى صورة عائد اقتصادي يساهم في تنمية الدخل الوطني لهذه الدول. فهل استوعبنا نحن في مجتمعاتنا هذا التحول أم مازلنا في طور مرحلة المجتمع الصناعي ؟ هل الاستثمار في تراسانة الاسمنت ومقاولات البناء وحده سيمكننا من بوصلة التحكم في المحرك الدافع لعصر اقتصاديات المعرفة ؟ ألم يحن الوقت للإنتقال الى مجتمع معرفة في أجندة خططنا التنموية المستقبلية ؟ وإن نحن عقدنا العزم على دخوله ،فهل أعددنا العدة لدخوله بآليات تحتكم لقوانينه المعرفية ؟ هل استوعبنا مظاهر مجتمع اقتصاد المعرفة الذي أسس لمراكز وادي السيليكون، ومراكز الابتكار التكنولوجية، ومدنجامعية للبحث الهندسي ببوسطن، وستانفورد، وكاليفورنيا في بيركلي، ومعهد ماساتشوستس للتقنية (MIT)؟ أم أننا مازلنا في طور فهم معاني مصطلحات مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة ومقاولات الأفكار وبراءات الاختراع ؟

لدينا سوق ضخمة من البطالة وهدر كبير لموارد بشرية ، نحن في أمس الحاجة اليوم إلى حسن توظيفها واستثمار عقولها وكفاءتها في ميادين الابتكارات، والإنتاجية وتحقيق براعات الاختراع، وخلق فرص العمل، فهل ساهمنا كشركات ومؤسسات اقتصادية جانب الحكومات في توفير الأرضية اللازمة لمشاريع مقاولات الأفكار،من خلال توفير آليات العمل والمختبرات لتطبيق المهارات المعرفية لأجيالنا؟؟ ألم يحن الوقت أن نفكر في بناء منظومة اقتصادية حمائية لثرواتنا البشرية في إطار اتفاقيات التبادل الحر في سوق عالمية جوهرمنتجاتها الاقتصاد القائم على المعرفة؟

إن المتأمل لواقع الاستثمار في مقاولات الافكار والبحث العلمي ، في وطننا العربي يجد أنه أمر شبه منعدم، فبينما تجد العالم يتسابق نحو النانو تكنولوجيا، والهندسة الوراثية، وعلوم الفضاء، فإننا لم نستطع أن نخرج من دائرة محو الأمية بألف باء”. وبالتالي فالتفكير الجاد في الاستثمار العلمي وبراءات الاختراع اليوم هو خيار اقتصادي ناجح، يعبّر عن رؤية مستقبلية اقتصادية واعية. لأن الأمن في مجتمعاتنا كل لا يتجزأ، الأمن العسكري، والأمن السياسي، والأمن الروحي والأمن الغذائي، والأمن المائي، والأمن المعلوماتي والتكنولوجي لمصادر ثرواتنا ،ما هي إلا حلقات لسلسلة مترابطة بعضها مع بعض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.