على هامش الصراعات السياسية بالعرائش.. كفى واتقوا الله في وطنكم
إلياس طلحة
إن من أسس ما ينبني عليه الاختلاف السياسي، هي المنافسة الشريفة، إذا لم يكن هذا النوع من المنافسة السياسية، فإن ممارسة السياسة في أيّ دولة كانت، ستؤدي إلى الإضرار بالمواطنين لا محالة، وهو الأمر الحاصل في المغرب، فحينما غابت المنافسة الشريفة بين السياسيين، حصل الضرر للمواطنين مع كامل الأسف، وهو ما استغربه قائد البلاد في خطابه للذكرى 18 لعيد العرش سنة 2017 حيث قال: “ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حدّ الإضرار بمصالح المواطنين”.
ومع كامل الأسف، كثير من الفاعلين السياسيين لا تربطهم علاقة مع الخطابات والتوجيهات الملكية، غير خرجاتهم الإعلامية الصفراء، وارتساماتهم الكاذبة للخطابات السامية، أما على مستوى الواقع والتنزيل، فإنهم بعيدون كل البعد عن ذلك، فغالبية الفاعلين السياسيين بالمغرب، عِوض أن يهتموا بهموم المواطنين ومصالحهم وِفق توجيهات ملك البلاد، يذهبون إلى دحض أعمال وتحركات بعضهم البعض، فيضيع حق المواطن الذي لا يهمهم في شيء، بسبب مصالحهم الشخصية وتصفية حساباتهم الحزبية.
إن واقعة الصراع السياسي الذي افتعله السيد “أحمد الوهابي” رئيس جماعة “تازروت” القروية بإقليم العرائش، مع السيد “محمد السيمو” البرلماني ورئيس جماعة مدينة القصر الكبير، خير دليل على ما أشرت إليه أعلاه، بسبب زيارة الأخير هذا الأسبوع لمركز مولاي عبد السلام بن مشيش، في إطار وقوفه على هموم المواطنين الذي يدخل في صميم عمله البرلماني، وهو الأمر الذي استنكره “الوهابي” في بيان استنكاري مُوقّع باسمه وصفته الحزبية، متّهما “السيمو” بخرقه للحجر الصحي، رغم كونه كان في مهمة يخوّلها له عمله البرلماني الذي يقضي بالتواصل مع المواطنين، وحلّ مشاكلهم، خصوصا في زمن الأزمات و الأوقات الحرجة.
وفي هذا السياق، لم يتوقّع “الوهابي” الذي ينتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، أن يتلقّى جوابه من تنسيق برلماني شارك فيه “رشيد العبدي” رئيس فريق حزبه بمجلس النواب، وذلك بخصوص البيان الاستنكاري الذي أصدره ضد البرلماني الحركي “محمد السيمو”، حيث قال التنسيق البرلماني أنه من حق جميع النواب، التنقل بحرية بكافة أقاليم المملكة، وفي كافة الظروف والمناسبات، وهو الأمر الذي يبيّن أن البيان الاستنكاري الذي أصدره “الوهابي” ضد “السيمو” كان قرارا فرديا اتُّخذ بعيدا عن مسؤولي الحزب، وبالتالي يكون خارجا عن الشرعية السياسية، وقد أدخل الإقليم في الحديث عن متاهات وترهات كان الإقليم بجماعاته الحضرية والقروية، في غنى عنها، خصوصا في ظل الجائحة التي كدرت صفو حياة العالم.
ويمكنني القول هنا، إن مثل هذه الصراعات السياسوية الضيّقة، الناتجة بسبب الاختلاف للانتماء السياسي، هي التي جعلت ملك البلاد يغضب غير ما مرة من الأحزاب السياسية و الفاعلين السياسيين بالمغرب، ما جعله يقول في خطابه للذكرى 18 لعيد العرش سنة 2017 “إن ممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات، لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل”.
وفي الختام، كان على السيد “أحمد الوهابي” من وجهة نظري، إذا لم يستطع القيام بما يقوم به “السيمو” أو أيّ غريم له في السياسة، من تواصل مع المواطنين، ومواكبة مشاكلهم، وإيجاد حلول لهم، على الأقل أن يترك من يستطيع ذلك القيام به، عوض التجائه لممارسات سياسوية ضيقة يروح ضحيّتها المواطن المِسكين، وبهذه المناسبة التي أتمنّى عدم تكرارها، أدعو السيد “الوهابي”، ومن خلاله باقي السادة الفاعلين السياسيين، إلى الالتزام بممارسة أخلاقيات العمل السياسي، وأقول لهم ما قاله صاحب الجلالة في نفس الخطاب الذي أشرت إليه أعلاه: “كفى، واتقوا الله في وطنكم، إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا”.