الشيف كرماس تكتب عن واقع طالب فنون الطبخ بين التنمية السياحية والبرامج التكوينية
الشيف لمياء كرماس، مكونة في شعب المطعمة:
سعى المغرب منذ استقلاله إلى النهوض بالقطاع السياحي و اعتباره أولوية على حساب قطاعات اقتصادية أخرى لما له من دور تنموي و تأثير إيجابي على العديد من الأنشطة الاقتصادية بالبلاد ( الصناعة التقليدية، البناء، النشاط الفندقي…) إلا أن هذه الأولوية التي حظي بها لم تُؤْتِ ثمرها فظلت السياسة السياحية تسير بوثيرة بطيئة تضع علامة استفهام كبيرة!!
جلي أن الرأسمال البشري هو عماد تحقيق التنمية السياحية بالموازاة مع إنشاء منتجات سياحية ذات جودة، لكن الهوة كبيرة بين هذا الرأسمال الأساسي و مطامح التنمية السياحية في سياستها الأخيرة.
ينطلق إنتاج الموارد البشرية من توجيهها و تكوينها من خلال برامج مُعَدَّة خصيصا لمتطلبات سوق الشغل بشكل تشاركي تكاملي، إلا أن المتدرب في فنون الطبخ يعيش فجوة بين ما يتلقنه في مراكز التكوين و بين نوعية تدريبه في المؤسسات الفندقية و المقاولات السياحية و كذا عند إدماجه في سوق العمل. فهو بين تطبيق مكتسباته التعليمية التي لا يجد لها ساحة سوى بعض المؤسسات المصنفة و بين التخلص منها و الاندماج في سوق تنافسية كبيرة تفتقر بشكل عميق لمقومات الممارسة المهنية الصحيحة و التي لم يتكون ليتأهل لها!!
ترمي السياسة التنموية للسياحة إلى الاهتمام بالموروث الثقافي و الطبخ المغربي دون أدنى اهتمام مواز بالطالب المتدرب المنوط له خدمة هذا الموروث و تقديمه للسائح منتجا سليما ذو جودة يُسْهِم به في تحقيق التنمية.
كيف بالطالب أن يواكب سوقا متسارعة التجدد بتكوين كلاسيكي لم يُحَيَّن منذ سنوات؟ هل من سياسة تضمن حقا تنمية سياحية مغربية تُجَوِّدُ الطبخ المغربي و الموروث المحلي و الوطني على حد سواء بتقاسم الممارسات التدبيرية بين مقاولات القطاع من برامج التكوين إلى المؤسسات الفندقية؟ هل من الواجب و العاجل إعادة التفكير في سياسة المقاولات السياحية بأنواعها و تقليص الهوة و خلق تواصل حي بين الجميع يجعل من المتعلمين و الحرفيين العملة الأساسية للنهوض بالقطاع و استيعاب المتخرجين سنويا؟
من الضروري ربط جميع مكونات هذا المجال الحيوي -لأهميته التي سبق ذكرها- لنهوض فعلي به و تثمين الرأسمال البشري ضرورة ملحة في سياسة التنمية السياحية بالمغرب لتحقيق المبتغى.