الثلج يعمّق أزمة عيش مغاربة ويزيّن “سطوريات” آخرين
بينما ينتظر كثيرون، التساقطات الثلجية في تطوان وشفشاون وغيرهما ليلتقطوا الصور ويتقاسموها مع أصدقائهم ومتابعيهم على منصات التواصل الاجتماعي، ثمة مغاربة تشكل لهم هاته الظاهرة الطبيعية الجوية، مأساة تعمّق لديهم أزمة العيش بشكل أكبر وأكثر.
وإن كان رواد الفيسبوك والانستغرام تناقلوا صباح اليوم، الثلاثاء، صور التساقطات الثلجية على نطاق واسع، على سبيل البهجة والاستمتاع وجلب النقرات والمشاركات، إلا أن سكان المداشر الجبلية بدأ عندهم فصل آخر من معاناة صعبة مع موجة برد قارس.
ويجد سكان المداشر والقرى بإقليمي تطوان وشفشاون وغيرهما من الأقاليم الجبلية، معاناة جمّة، وخاصة مع انقطاع المسالك الطرقية، حيث يظلون في حصار لساعات وأحيانا لأيام وهم يعملون على إزاحة الثلوج بشكل يدوي بعيدا عن شاحنات التجهيز.
إن ما يستمتع به البعض، ويتباهى به على “السطوريات”، يشكل من وراءه، واقعا مؤلما، ويلامس شغاف القلوب التي لا تزال على قيد الإنسانية في زمن إنتهى فيه الإحساس بمن يعانون في صمت، ويفضلون الموت تحت موجة صقيع على أن تمدّ يدها طلبا للعون.
وإذا عرفنا طبيعة ساكنة جبال الريف وغمارة وتطوان، فلن يساورنا الشّك على أنهم لن يطلبوا المساعدة، فهم يعيشون في كنف العفاف والكفاف رغم الظروف المزرية، لذا هاته فرصة ملائمة لذوي الأيادي البيضاء ليقْدموا على مبادرات وطنية، وإنسانية حقيقية.
وكما في السياسة يوجد منطق العدالة المجالية، فإنه في المساعدات ينبغي اتباع هذا المنطق أيضا، فلا يُعقل أن أطفال باب برد، وبني منصور، وجبل غرغيز، وتمورت، وغيرهم، يعانون إزاء هاته الأحوال السيئة، والمساعدات تذهب نحو الجنوب أو مناطق أخرى.
وعلى ذكر السياسة، فإن فعاليات المجتمع المدني، والشبيبات الحزبية، والهيئات التي لا تظهر إلا في المناسبات الوطنية، والانتخابية، مدعوةٌ إلى التعبئة بقوّة في هاته الأوقات الصعبة، ويُنتظر منها أن تُجهزّ لقوافل نحو مناطقنا النائية بشمال المملكة.
إن الوطنية الحقيقية، تتجلى في قيم التضامن والتآزر، وفي تقديم ما يمكن أن يحدث فارقا في الأوقات الصعبة تجاه أبناء المغرب العُزَّل أمام موجات الصقيع والثلج، وليس تنظيم أنشطة شكلية وترديد شعارات لا يجد منها المواطنون ولا الوطن غير الصدى الباهت.
وإلى جانب التعاون بين المواطنين الذي ماكان دائما وينبغي أن يستمر وبوتيرة أكبر وحكامة أكثر، لا ننسى أن نطرق باب الحكومة وباق المؤسسات لعلنا نذكرهم بأن في شمال المغرب، معاناة لا تهاضى وتحتاج لمن يلتفت لها بدل أن تحصروا انتباهكم على الحواضر فقط.