أديب شفشاون وعالمها الورع أبي الربيع سليمان الحوات الشفشاوني

 بقلم: ذ ياسين أغربي 

 هو سليمان بن محمد بن عبد الله بن محمد الحوات العلمي الحسني يتلقى في الجد العاشر مع القطب عبد السلام بن مشيش، وليس من نسله كنيته ولقبه يكنى أبا الربيع، والظاهر أن هذه الكنية لازمته تبعا لاسمه سليمان جريا على التقليد المعروف في الأسماء والكنى العربية، إذ لا يعرف له ولد اسمه ” الربيع”.

أما لقبه فهو الحوات، وقد ورثه عن سلفه الولي أبي عمران موسى بن الحسين، وهو الجد الرابع له القادم على شفشاون، وسبب تلقيبه به أنه اصطاد حوتا ببلاد غمارة لم يشاهد الناس مثيلا له فلقبوه به وقالوا له الحوات، فجرى هذا اللقب عليه في حياته، ثم على أعقابه من بعده.

ميلاده ونشأته ولد سليمان الحوات بمدينة شفشاون يوم الجمعة أحد أيام رجب عام 1160هـ / 1747م. مات والده وتركه صبيا لم يتجاوز الشهر السادس من عمره فبقي تحت كفالة أمه تسهر على تربيته وترعاه وتوليه من الاهتمام والعناية ما توليه كل أم رأوم لوحيدها إذ أن جميع إخوانه ماتوا في حياة أبيه، أو بعده بقليل وقد كانت أسرته تعيش في أمن ورغد مما تدره عليها أملاك ربها الهالك وأصوله بشفشاون وغيرها، وقد فتح الصبي عينيه على هذه الأسرة الصغيرة المكونة من أمه وجدته، ومن عبد مملوك خلفه والده اسمه صهيب (ت 1199هـ) (، وقد كان لهذا المحلوك أثر في نفسية المؤلف وحياته إذ كان هو الساهر على أملاك الأسرة وصيانتها واستغلالها، وهو الذي تكفل بحمله إلى الكتاب أولا، ثم رحل به ثانيا إلى فاس في أول قدومه عليها للدراسة عام 1180 هـ).

شيوخه ذكر منهم نحو العشرين أخذ عن ستة منهم ببلده شفشاون، وعن الباقين بمدينة فاس . وكانت علاقته بهم حسنة متينة تجاوزت مع بعضهم حد الأخذ والتلمذة إلى الصداقة والود والتقدير، وقد ظهر ذلك في أمداحه فيهم ورثائه إياهم وفيما ألف في بعضهم من كتب باستثناء شيخ واحد هو أبو محمد عيد الكريم بن علي الزهني اليازغي الذي ساءت علاقته به قبل قراءته عليه ثم تحسنت بعدما اتصل به ودرس عليه. تكوينه العلمي ومن خلال مروياته عن شيوخه وما قرأ عليهم من مؤلفات في مختلف الفنون يمكن تصنيف هذا ما أخذه في: علوم شرعية من فقه وقراءات وتفسير وحديث وأصول وأحكام وتوحيد. وعلوم أدبية من لغة ونحو وصرف وبلاغة وعروض وشعر وأمثال وأنساب وتاريخ وعلوم عقلية كالحساب والميقات والمنطق والطب. وعلوم بالمنية تتمثل في التصوف وطرقه وأسانيده. وبذلك تستطيع تصور الأسس الثقافية التي قامت عليها شخصيته العلمية والأدبية ، فقد تسنى له أن يحيط بثقافة عصره المتعددة الجوانب وأن يستوعبها أتم استيعاب ويتمثلها أحسن تمثل مما أهله في ختام هذه المرحلة الدراسية أن يبدأ مرحلة جديدة من حياته هي مرحلة النضج العلمي والأدبي، والإنتاج في ميادين الإفتاء والتأليف والتدريس قال: وجلست للتدريس بشفشاون وفاس وأفتيت فيما أسأل عنه من نوازل الخصومات وغيرها بلا أجر بعد أن وقعت لي الإجازة العامة من معتبري أشياخي … أما الإبداع في ميدان الشعر فقد عاناه وهو ابن عشرين سنة. تلاميذه كثيرون منهم: – أبو محمد عبد القادر بن أحمد الكوهن (ت 1254هـ) كان فقيها عالما له رحلة حجازية وفهرسة أسماها إمداد ذوي الاستعداد إلى معالم الرواية والاسناد تحدث فيها عن مروياته وشيوخه ومن ضمنهم المؤلف. – وأبو العباس أحمد بن الطيب شقور العلمي (ت 1234هـ) كان فقيها أدبيا أجازه المؤلف إجازة عامة ضمنها مروياته عن شيوخه بفاس . – وأبو الفضل العباس بن أحمد بن سودة (ت 1241هـ) كان عالما فقيها تولى القضاء بفاس. – وأبو العباس أحمد الحكمي (ت 1226هـ) ،كان فقيها أديبا تولى القضاء بسلا ومكناس، شارك المؤلف في جل أشياخه وأخذ عنه علم العروض. وقد عده أبو القاسم الزياني من أشياخ السلطان المولى سليمان الذين اعتبروا أنفسهم أصحابا له فقط لإقرارهم بالإفادة من دروسه وتقريراته ، أما المواد التي كان يدرسها والكتب التي كان يقرئها وطريقته في التعليم فلا نعلم شيئا من ذلك كله. – علاقته بالسلطان يبدو أن شهرة الحوات شاعرا – قد شاعت بين الأوساط الأدبية في فاس خلال مرحلة الطلب، خصوصا وأنه نبغ في قرض الشعر وهو ابن عشرين سنة ، ويبدو أيضا أن اسمه كان معروفا لدى الأمراء لذلك استدعوه للجلوس ببساطهم في كل من فاس ومكناس . وخلال سنة 1191هـ أصبحت علاقته وثيقة بالقصر الملكي، فقد أتاحت له الظروف أن يتعرف عليه السلطان سيدي محمد بن عبد الله ويقربه ويكلفه ببعض المهمات وتقدم لنا أن أبا القاسم الزياني اعتبره من أشياخ السلطان المولى سليمان الذين عدوا أنفسهم أصحابا له فقط ، لكننا لا نعرف بالضبط متى وأين تتلمذ عليه، ومن ثم فإننا نجهل تاريخ أول اتصال له به كل ما تعلم أن المؤلف كانت له علاقة متينة وجاه ومكانة لدى المولى سليمان، وأنه كان مع حمدون ابن الحاج في طليعة الشعراء الذين مدحوه وخلدوا مآثره ومفاخره في أشعارهم. المصادر والمراجع: – ثمرة أنسي في التعريف بنفسي، وهو الكتاب موضوع التحقيق. – السر الظاهر في من أحرز بفاس الشرف الباهر من أعقاب الشيخ عبد القادر، له. ملزمة 11 ص 5 طبعة حجرية فاس. – قرة العيون في الشرفاء القاطنين بحومة العيون مخط خع الرباط 1481 ك ورقة 32 . – الروضة المقصودة والحلل الممدودة في ماثر بني سودة له مخط خع بالرباط 52351 تحدث فيه من نفسه في مواضع متفرقة. – الترجمانة الكبرى لأبي القاسم الزياني ص 545 – 547 تحقيق عبد الكريم الفيلالي نشر وزارة الأوقاف (1967م. ب – سلوة الأنفاس المحمد بن جعفر الكتاني 3 / 116-119 حجرية فاس 1316هـ). -الدرر البهية لادريس الفضيلي 2 / 95-96 حجرية، فاس (1314هـ). – شجرة النور الزكية لمحمد مخلوف ص (379) ط دار الكتاب العربي 1349 بيروت. -مؤرخو الشرفاء لبروفنسال ص 244 تعريب عبد القادر الخلادي (ط) الرباط (1977). – تاريخ الشعر و الشعراء بفاس لأحمد النميشي ص 86 أندري فاس 1343هـ. – أعلام الزركلي 167/3 ط3 -معجم المؤلفين الرضا كمالة 4 / 275 نشر دار إحياء التراث العربي بيروت). – الوافي بالأدب العربي في المغرب الأقصي ذ. محمد بن تاويت 3 / 869-871 )1984. – التاريخ المفتري عليه في المغرب لعبد الكريم الفيلالي ص: 102 (ط الرباط (1969). -مجلة المناهل ع 27 ص 319-324 (مقدمة تحقيق أرجوزته كشف القناع، د. أحمد العراقي.

التعليقات مغلقة.